القرآن الكريم وموقفه بالنسبة لعلم الفلك
على مدى سنوات طويلة وأثناء دراساتى المكثفة لعلم الفلك , وعلى الرغم من انعدام المراجع العربية التى يعتد بها , كنت أتعرض لهجمات شرسة من بعض الأشخاص الذين يعتبرون دراسة علم الفلك من الأمور الشيطانية الخارجة عن الدين . وأن دراسة هذا العلم هو بمثابة كفر بالله والعياذ بالله . ولما كنت أحب الله سبحانه وتعالى أكثر من نفسى لم أجد أى وسيلة تنير قلبى وعقلى سوى أن ألجأ إلى كلمات الله عز وجل التى لا يأتيها الباطل من قبل ومن بعد . وهكذا لجأت إلى القرآن الكريم لأعرف الحقيقة فى هذا الشأن .
يقول الله تعالى فى كتابه الكريم ( الشمس والقمر بحسبان ) - الرحمن/5 . توقفت عند هذه الآية أتأمل معانيها بإمعان شديد . يا سبحان الله . إن الله تعالى يخبرنا أن هناك علما عظيما ومهولا اسمه علم ( حساب الشمس والقمر) … ولكن أكثر الناس لا يعلمون - غافر/57 . ثم يقول سبحانه وتعالى ( فلا أقسم بمواقع النجوم , وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) - الواقعة/75 . إذا فهو علم مواقع النجوم الذى يقسم بعظمته الله سبحانه وتعالى . وتأملوا معى كلمة ( لو تعلمون ) . وأسأل نفسى , هل توجد كلمات أوضح من هذه الكلمات الإلهية التى تحضنا على دراسة علم مواقع النجوم ؟ . وهل أصدق الله تعالى أم أصدق أولئك الجهلاء الذين يكـفـّـرون أي شيء وكل شيء ويقولون ما لا يعلمون ؟ . ويقول العلامة الشيخ محمد متولى الشعراوى عن هذه الآية :
" ولعل وقتا يأتى يكشف الله فيه للبشرية أثر مواقع النجوم على حياة الخلق وذلك عندما تتهيأ النفوس لذلك وتقدر العقول على استيعابه"
ويردد بعض الجهلاء من العامة أن الكواكب ما هى إلا حجارة صماء تسبح فى الفضاء لاغير . ولو أنهم درسوا علوم الطبيعة والجيولوجيا والفلك لأدركوا أن هذه الكواكب إنما يصدر عنها مجالات مغناطيسية وإشعاعية مهولة تؤثر على سكان الأرض فى كل المجالات بما فيها صحة الإنسان وسلوكه . والله تبارك وتعالى يقول لنا فى ذلك :
ألم تر أن الله يسجد له من فى السماوات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم - الحج/18 . وكلمة من لا تطلق إلا على العاقل وللعاقل . وعندما تتحدث مع بعض الناس عن علم الفلك أو علم الأبراج فإنهم يسخرون منك قائلين أن هذا ما هو إلا دجل وشعوذة واحتيال على الناس . ولكن لله جل وعلى رأى آخر إذ يقول عز من قائل :
تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا - الفرقان/61 . أى أن البروج إنما هى من بركة الله وفضله على العالمين .
بل إن هناك سورة كاملة فى القرآن الكريم اسمها سورة ( البروج ) . وفى أول آية فيها يخبرنا الله جل وعلى بأن البروج انما هى مكون رئيسى للسماء قائلا ( والسماء ذات البروج ) . والله سبحانه وتعالى يحببنا أيضا فى علم البروج ويحثنا للنظر فيها ودراستها حيث يقول عز من قائل ( ولقد جعلنا فى السماء بروجا وزيناها للناظرين ) - الحجر/16 .
لم يكتفى الله سبحانه وتعالى بمباركته للأبراج وعلم مواقع النجوم وعلم حساب الشمس والقمر بل أقسم أيضا بكواكب المجموعة الشمسية قائلا ( فلا أقسم بالخنس الجوارى الكنس ) - التكوير/15 . ثم يقسم بتأثير هذه الأجرام السماوية وغيرها على سلوك الإنسان قائلا (فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون) - الحاقة/39 . وأثناء إحدى المناقشات قال لي أحد المشككين أن علم التنجيم حرام , فقلت له وما هو علم التنجيم ؟ , فقال هو أن تنظر في السماء وتراقب النجوم , فقلت له لكن الله يأمرنا بأن ننظر إلى السماء , قال كيف ؟ , قلت له في قول الله تعالى
قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون - يونس/101 . فبهت الجاهل الجهول . إنها حقا آية عظيمة من رب عظيم يخبرنا فيها أن دراسة ما يحدث فى السماوات لا بد وأن يؤدي حتما إلى الإيمان اليقيني بالله الواحد الأحد .